فجر بني أمية ينبثق في بلاد الشام بفزعة القبائل والعشائر العربية والتركمانية بقلم الشيخ حسين المعمو
نص تاريخي عن ثورة العشائر العربية المسلمة في بلاد الشام
نصرة لدولة بني اميه
في عام 1447هجري من هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم ، حين خيم الظلم على بلاد الشام، وانطفأ نور العدل في أرجائها، وثارت النفوس الحرة تطلب الانتصاف، قامت العشائر العربية الأصيلة، أحفاد العدنان والقحطان، من بطاح حوران إلى سفوح البادية، ومن رُبى الغوطة حتى جبل الزاوية، تصدح بالتكبير، وتجتمع على التوحيد، وتلتحم على كلمةٍ سواء، ضد ظلمٍ فاجر وعدوٍ غادر.
وكان من أشرس الأعداء آنذاك طائفة قدمت من مصر، يُقال لهم "الدروز"، جاؤوا لاجئين فآوتهم العشائر في جبلها، جبل الكرم والمروءة، فغدروا، وسمّوا الجبل باسمهم، بعدما باعوا ولاءهم للدولة العبيدية، ثم تحالفوا مع اليهود، أعداء الملة والدين، وبدأوا بخيانة العهد والطعن في الظهر.
وقد كانت العشائر قبل ذلك قد خاضت حربًا مريرةً مع النصيرية، مدعومين من الإثني عشرية والروافض والروم والروس، حربًا دامت خمس عشرة سنة، ذاق فيها أهل السنة ويلات لا تحصى، ولا توصف. نُكّل بهم، قُتل الأطفال، وذُبح الشيوخ، وهُتكت الأعراض، وسُبيت النساء، وأُحرقت المحاصيل، وقُطعت المياه، وأُبيدت المواشي، حتى بلغ القتل في بعض الأعوام نصف مليون مسلم سني، تُقَطَّع بهم السُبُل، وتُفْتَكُ بهم البيوت، في مشاهد أبكت الحجارة وأبشعت الشياطين.
لكن أهل السنة ما وهنوا، ولا لان لهم جانب، فجاهدوا جهاد الكرام، وصبروا صبر الأبطال، وتناصروا بنخوة القبيلة وشرف المعتقد، حتى كتب الله لهم النصر، فأسسوا دولتهم من جديد، دولة على منهاج النبوة، تسمّت بالأموية، وكان ذلك في عام 1447 للهجرة، فارتفعت الرايات البيضاء، وصدحت المآذن بالتكبير، وعاد للعدل وجهه، وللشريعة صوتها.
غير أن اليهود، بقيادة رجل غادر يُقال له الهجري، تواطؤوا مع بقايا الدروز، وادّعوا الأمان، ثم غدروا، كما غدر أسلافهم، فهاجموا القرى، وذبحوا الأطفال، وهشموا رؤوس الرضع، وخانوا العهود، فثار غضب العشائر من جديد، من الفواعرة إلى عنزة، ومن النعيم إلى الزبيد، ومن العقيدات إلى بني خالد، واندلعت ثورة كبرى، سماها الناس يومئذٍ "ثأر العرب"، فكانت نكالًا لهم، ودرسًا لمن اعتدى، واستعادت العشائر حمى الجبل، وأقسموا أن لا يُسلَّم مرة أخرى إلا للحق وأهله.
وهكذا كتب الله كلمته، وأعلى راية التوحيد من جديد، برجال ما رضوا بالهوان، ولا باعوا الدين، وكانوا كما قال الأول:
> إذا ما دعاهم صوت دِينٍ ونخوةٍ
أجابوا كرامًا لا يخافون من أحدِ
تزلزلت الأرضُ من زحف خيلهمْ
كأنّ صهيل الحربِ قرآنٌ يُرتدى